يآ حبـــــ آلجنة ـــــذآ ..

الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض و جعل الظلمات و النور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون .. الحمد لله الذي أرسل محمداً "صلى الله عليه و سلم " فكسر بدعوته ظهور الأكاسرة و كسر بمبادئه آمال القياصرة ، الذين طغوا و بغوا حتى ارداهم ظلمهم في الحافرة .. و الصلاة و السلام على حامل لواء العز في بني لؤي و صاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي ... أما بعد ..

أيها المسلمون .. لنستمع إلى أبي هريرة رضي الله عنه و أرضاه و هو يروي لنا حديثاً يصل للقلوب مباشرةً و لا يفهمه إلا من ألقى السمع و هو شهيد .

يقول رضي الله عنه : قال الناس للرسول صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟

فقال لهم صلى الله عليه و سلم : " هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ "
قالوا : لا يا رسول الله .
فقال لهم : " هل تمارون الشمس ليس دونها سحاب ؟ " .
فقالوا : لا يا رسول الله .
فقال : " أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر و كما ترون الشمس ليسدونها سحاب " .

و تحدث الرسول صلى الله عليه و سلم عن آخر من يدخل الجنة و هو رجل يخرجه الله تعالى من النار فيقف ووجهه مقابل للنار فيقول : يا رب اصرف وجهي عن النار فقد أحرقني ذكاؤها و قشبني ريحها .
فيقول الله تعالى له : يا ابن آدم هل عسيت إن صرفت وجهك عن النار أن تسأل غير ذلك ؟
قال : و عزتك و جلالك لا أسأل غير ذلك .
فيصرف الله وجهه عن النار إلى قبل الجنة .
فلما أبصر الجنة و رأى زهرتها و نعيمها و نضرتها و سرورها قال : يا رب قربني إلى باب الجنة .
قال له الله تعالى : ويلك يا ابن آدم ما أغدرك و ما أظلمك ! ، أإن قدمتك إلى باب الجنة لا تسألني غير ذلك ؟
قال : و عزتك و جلالك لا أسألك غير ذلك .
فيقدمه الله تبارك و تعالى إلى باب الجنة غير أنه لا يدخل الجنة .
فلما رأى أنهارها و دورها و قصورها و نعيمها و سرورها قال : يا رب أدخلني الجنة .
فيقول تعالى له : ويلك يا ابن آدم ما أغدرك و أظلمك ! أما أعطيتني الوعود و المواثيق ألا تسألني غير ذلك ؟!!
فيقول : يا رب بعزتك و جلالك لا أكون أشقى الناس بك اليوم .
فيدخله الله الجنة ، فلما وصل لها قال له الله : تمن .
قال : أتمى كذا و كذا ، فيذكره الله بالأشياء و القصور و الأنهار و يذكره بالدور و يذكره بالحور العين و ما زال ربه يذكره حتى تنقطع أمانيه .
فيقول : ألا تتذكر شيئاً ؟؟
قال : لا يا رب .
قال : فإن لك ذلك و مثله معه ، و مثله معه ، و مثله معه ، و مثله معه .. و في رواية أبي سعيد : لك مثل أعظم ملك من ملوك الدنيا و عشرة أمثاله معه .

لا إله إلا الله ! الدنيا كل الدنيا ذهب الدنيا فضة الدنيا قصور الدنيا و عشرة أمثالها معها .. لكن لا مرض لا خوف و لا كرب و لا هم أو حزن .
هذا الحديث صحيح رواه البخاري و مسلم .

و فيه قضايا :

أولها : شرف الصحابة و إيمانهم يقينهم الذين تركوا الدنيا و ملذات الدنيا و شهواتها ، يتذكرون ذلك اليوم فيقولون : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
يا الله ما أعظم السؤال ! .. و ما أعظم الإيمان ! ..

أما نحن فإننا في غفلة و في مهلة و في بعد عن الله فما أصبحنا نتذكر تلك القضايا ..
هل سأل أحد منا : كيف نرى الله ؟ هل تكلم أحدنا في مسألة رؤيتنا لله و هي أفضل النعيم و أجل القربات ؟

ثانيها : أن رؤية الله حق للمؤمنين في الآخرة و لا يراه المشركون ، قال تعالى : " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " .
رؤيته سبحانه للمؤمنين ثابنة يوم القيامة .
يقول الصحابة : كيف نرى الله ؟
فيقول صلى الله عليه و سلم : أترون القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ .. ليس المرئي كالمرئي تبارك و تعالى و لكن الرؤية كالرؤية .

ثالثها : أن العصاة من الموحدين لا يخلدون في النار خلافاً لمن ذهب لذلك من أهل البدع .. فمن كان موحداً فإنه لا يخلد في النار .

رابعها : أن من المصلين من يدخل النار و منهم من يصلي الصلوات الخمس و يدخل النار ، كأن يكون عاقاً أو قاطع رحم أو آكل ربا أو زانياً أو فاجراً .. و العياذ بالله .

خامسها : أن الله تعالى حرم على النار أن تأكل مواضع السجود .

سادسها : و في الحديث فضل الله و كرم الله و أن الدنيا لا تساوي شيئاً .. فإن كان ما يملكه أقل الناس في الجنة أعظم مما يملكه أعظم ملوك الدنيا و مثله عشر مرات ، فكيف بمن هم في الدرجات العلا ؟

فيا من أعد لذاك الموقف .. إن كنت تريد أن ترى الله و هو يوم الزيادة فعليك أن تكون مستقيماً على أمر الله ليسكنك الله داراً لا فنى شبابها و لا تبلى ثيابها .. داراً غرس الله أشجارها بيده .. داراً بنى الله قصوره بيده فقال الله : تكلمي ..
فقالت : قد أفلح المؤمنون .. فيا سعدكم أيها المصلون ! ..





(2008 )

0 التعليقات: