ۈآدي غزة .. مشڪلةُ بين آلمشڪلة ۈ آلحل !!

وادي غزة .. مشكلةُ بين المشكلة و الحل !!







إسراء أحمد
05/09/2009






 

مشهدٌ مطوَّل يصادفنا أو نصادفه حينما نجتاز تلك المنطقة الوعرة الضحلة .. بشكل شبه يومي .. عند الذهاب و عند الإياب .. من و إلى الجامعات و المعاهد و الكليات .. فأنت كمسافر .. كمجتازٍ للطريق .. يستحيل عليك الوصول من أقصى شمال القطاع إلى أقصى جنوبه دون المرور بهذا المكان .. بكل ما فيه .. من روائح كريهة .. مياه ضحلة .. مياه عادمة .. أكوام من القمامة متناثرة هنا و هناك .. حتى إن الأمر لا يخلو من وجود بعض الحيوانات الميتة المتعفنة .. و التي طبعا .. تتآكل شيئاً فشيئاً على هذه البقعة من أرض قطاع غزة .. لتسحبها المياه بعيدا هي و أكوام القمامة و مياه المجاري و المياه العادمة بشكل عام و تصب كلها في مياه بحر غزة .. و من هنا تأتي الكارثة ..





يتساءل البعض عن سبب تلوث مياه بحر غزة و سر منظرها الراكد المليء بالعفونة .... فنقول لهم .. ابحثوا في أسباب ذلك بدلا من الوقوف في موقف الحيرة و التساؤل و الصمت ..
و نقول .. لعل من أبرز الأسباب المؤدية إلى الكارثة الحقيقية .... هو وادي غزة .. فمن هنا كان لابد لنا من إلقاء الضوء على هذا الوادي لنبين سر المشكلة .. و الآثار الناجمة عنها ... و نوضح أهم الطرق و الوسائل اللازمة لحل هذه المشكلة .. و لنبدأ أولاً بالتعريف بهذا الوادي من خلال مقتطفات بسيطة .. من هنا و هناك ..


وادي غزة : هو مظهر من المظاهر الطبيعية المهمة في قطاع غزة ، فهو ممتدٌ بشكل طولي و ذلك من أطراف جبال الخليل ماراً بالأرض المحتلة عام 1948 واصلاً إلى حدود قطاع غزة متجهاً نحو البحر المتوسط ، و يعد وادي غزة من أطول الوديان في فلسطين ، فهو ينبع من جبال الخليل و بالتحديد من قرية السموع في الخليل ، و ينحدر بشكل عام من الشرق إلى الغرب ماراً ببئر السبع و يصب في المتوسط في ساحل غزة ، ويبلغ طول وادي غزة من المنبع للمصب حوالي ( 160 ) كم ، وطوله القاطع لقطاع غزة حوالي ( 9 ) كم ، ويبلغ ارتفاع الوادي عند الحدود الشرقية حوالي ( 80 ) م ، ويصل إلى الصفر عند المصب في البحر المتوسط . بما أنه ليس هناك أي جريان سطحي ملحوظ و دائم في قطاع غزة ، فإنَّ وادي غزة يعد الأهم في المنطقة و يصل طوله 9 كم ويمتد باتجاه شمال غرب و جنوب شرق ، وتشكل جبال الخليل وشمال النقب المصادر الرئيسية لمياه الوادي بحيث تشكل مساحة حوض 3600 كيلومتر مربع وتقدر كمية معدل مياه الجريان السطحي في الوادي بحوالي 2-3 مليون متر مكعب ، و الآن لم تعد مياه وادى غزة تصل كما كانت عليه في السابق و ذلك سببته السدود التي قامت إسرائيل ببنائها و تم سحب مياه الوادي إلى شمال النقب .
أهم ما يميز وادي غزة هو جريان المياه السطحي و ذلك نتيجةً لسقوط كميات كبيرة من الأمطار في فصل الشتاء ، الأمر الذي أدى لتكوين رسوبيات على جانبي الوادي أضف إلى ذلك تكوين دلتا صغيرة عند التقائه بالبحر ، و يبلغ عمق الوادي تقديراً من 1.5 – 3 متر في بعض المناطق ، ويتسع مجرى الوادي كلما اتجهنا غربا ، ويضيق في الشرق وجنوب شرق. بالإضافة إلى ذلك كله .. فلقد أوجدت الأراضي الرطبة في منطقة الوادي أنواع نختلفة من النباتات الخاصة و التي لا تعيش إلا في مثل هذه الأجواء كالأثل الذي يعتبر من النباتات المثبتة للكثبان الرملية ، و نبات البوص وغيرها من أنواع النباتات, وأنواع كثيرة من النباتات التي تجد في المناطق الرطبة بيئة خصبة لها ولا تستطيع العيش في غيرها، و يبلغ عمق المنطقة الرطبة داخل اليابسة تقديراً بنحو 500-800 متراً .

 

سر المشكلة : تتمثل مشكلة وادي غزة بشكل أساسي في السياسة التي اتبعتها سلطات الاحتلال بالنسبة له منذ سنوات طويلة حيث أنها عملت على سرقة المياه التي تجري في مجرى وادي غزة وذلك عبر السدود التي أقامها الإسرائيليون عليه في المناطق التي تتواجد داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ومن خلال الجسر الكبير الذي أقيم على حدود قطاع غزة على الخط الأخضر. وتقوم إسرائيل من حين لأخر بفتح بوابات للجسور مما يؤدي الى تدفق كميات كبيرة جدا من المياه في مجرى وادي غزة مما يؤدي الى تدمير كل شئ على جانبي مجرى الوادي ويؤدي الى تدفق المياه بشكل سريع لتصل الى بحر غزة دون الاستفادة منها ، وقد تشكل خطر كبير على جسر وادي غزة والذي تم بناءه بعد عام 1993 لتأمين وجود طريق جديدة بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي طريق صلاح الدين عند مفترق الشهداء القريب من مستوطنة نتساريم. فمن هنا نرى أن سلطات الاحتلال تسيطر بشكل كلي على مياه الوادي و تنقلها ( تسرقها ) أول بأول الى داخل الخط الأخضر ... و هذا ما أدى لتفاقم المشكلة في هذه المنطقة .. و كيف ذلك ؟؟! نقول بأنه عندما تسقط مياه الأمطار على المنطقة و تفرغ منطقة الوادي أول بأول من مياهها من قبل سلطات الاحتلال تصبح المنطقة جرداء جافة تقريبا ، و تصبح وعرة ضحلة بالتأكيد .. و بما أنَّ المنطقة قد أصبحت منطقة ضحلة وعرة .. هذا أدى بالسكان و أهالي المنطقة هناك ليس إلى أن يمارسوا دورهم الطبيعي و يحاولوا اصلاح الأمور و تنظيف المكان أو القيام و لو بجهد بسيط على الأقل في اعادته كما كان على الأقل بأي وسيلة ... لا ... لم يمارسوا دورهم المنشود للأسف .. بل دفعهم هذا إلى الاهمال و التفريط بحق منطقتهم و مكان سكناهم .. فنجدهم يلقون بأكوام القمامة على أطراف الوادي و جوانبه و المناطق المحيطة به .... و يفتحون مصارف مياههم العادمة فيه لتلوثه أكثر مما هو عليه ... و من الطبيعي أن ترى أحدهم و قد ألقى بحمار ميت في الوادي ... أو زجّ بكلب متعفن في منتصف المنطقة بلا خجل أو وجل أو حياء ... فباعتبارهم أن المنطقة انتهى أمرها و هي متعفنة ضحلة المياه أصلا فلم يكلفون أنفسهم و يصلحوا ... لا هم يدمروا أكثر و أكثر .... و هذا و الله سبب انتكاستنا ليس فقط في مشكلة الوادي بل في مشاكل الفلسطينيين أجمع .. و و الله لا أرجع السبب اليهم .. فهم معذورون .. أرجع الذنب و الجريمة للاحتلال الاسرائيلي الذي أضاع أهمية وادي غزة و قدره .. و أبقاه لنااا .. ( مخزنا للصرف الصحي ) أو لنقل ( موئلا للبعوض و الذباب ) .. و الادهى من ذلك أنه خلال الشتاء الماضي .. عانى أهل المنطقة أشد المعاناة حيث تفاقمت المشكلة بصورة كبير جدا ... فنزلت مياه الأمطار بغزارة و فاضت في منطقة الوادي و ذلك بسبب التجمعات الهائلة لمياه الصرف الصحي هناك .... فكل مياه الصرف الصحي في القطاع تصرف في منقطة الوادي و هذا الوبال الأعظم ... حيث اختلطت مياه الامطار المتساقطة بشدة و غزارة مع مياه الصرف الصحي و فاض الوادي بصورة رهيبة ... لدرجة أن وسائل المواصلات لم تكن تستطع في تلك الأيام أن تسير على ذلك الخط إلا بصعوبة بالغة ... و أحيانا تضطر للسير في شارع صلاح الدين المحاذي من الجهة الأخرى للطريق .. و لك أن تتصور المنظر .. الروائح لا تطاق مطلقا .. و الحشرات و البكتيريا و الملوثات انتشرت بصورة فظيعة و هذا طبعا بالإضافة لأكوام القمامة المتراكمة على جانبي الوادي .. كل هذا كان يصب يوميا في بحر غزة ..... و لك أن تتصور كيف هو حال مياه البحر و قد عجّت بكل هذه الملوثات ؟؟! لكن .. نشكر الله على نعمة التجديد في مياه البحر و التي لولاها .. لفسد البر و البحر .. !


و هكذا .. نرى أن كل هذد الأسباب مجتمعة سواءً أكانت أولية أساسية أم ثانوية فإنها تؤدي إلى تفاقم حجم هذه المشكلة و ازدياد أضرارها على المدى القريب و البعيد ... فمن هنا .. كان لابد من وجود حلول و حلول جذرية لهذه المشكلة الكارثية .... لكي لا يأتي اليوم الذي نجد مشكلة وادي غزة تطرق باب كل واحد فينا ..... بأوحالها و أضرارها و ملوثاتها .. !! لكن قبل هذا و ذاك ... دعونا نتعرف على أهم الآثار السلبية الناجمة عن هذه الكارثة الحقيقية ..



الآثار السلبية الناجمة عن هذه المشكلة :

تحاول إسرائيل التقليل من قيمة وادي غزة محاولةً عدم إدخاله في المفاوضات النهائية وذلك بادعائهم حجز مياهه المالحة حفظا للخزان الجوفي المائي و أن كمية المياه التي يصرفها الوادي ليست ذات أهمية. والحقيقة أن ما يدعيه الجانب الإسرائيلي مخالف للحقيقة لأن مياه وادي غزة مصدرها الأمطار التي لا تزيد نسبة الكلور فيها عن 35 جزء في المليون وأن حجز الجانب الإسرائيلي لمياه الوادي يأتي لاستخدامها في الري, في الوقت الذي يفتقر فيه الشعب الفلسطيني للماء.



نتيجة للممارسات الإسرائيلية تجاه وادي غزة والتي تمثلت في بناء السدود على طول مجرى الوادي, أدى ذلك إلى تراكم كميات كبيرة من النفايات والمياه العادمة و الى نشوء تجمعان مائيان في الشرق والغرب من الوادي ، ونتيجة للإهمال المتعمد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي طوال سنوات احتلال قطاع غزة تحول الوادي ، لسنوات طويلة ، إلى مكرهة صحية ،تلقى فيه النفايات الصلبة والسائلة من المنطقة الوسطى في قطاع غزة بسبب حجز الاحتلال الإسرائيلي مياه الأمطار من الجريان في وادي غزة في الجزء الذي يجري فيه من قطاع غزة والتي تعمل على تطهير مجرى الوادي من أي نوع من أنواع المكاره الصحية، وبالتالي عانى الوادي طويلاً من إهمال بنيته التحتية.
و من الآثار السلبية للمياه العادمة ( مياه الصرف الصحي ) الملقاة في الوادي أنها تسببت في حدوث مستنقعات و أصبحت مكاناً لتوالد الحشرات المؤذية و خصوصاً في فترة الصيف التي تعتبر ملائمة لتوالد هذه الحشرات و التي تؤذي سكان المنطقة الوسطى، وخصوصاً سكان البريج والنصيرات ووادي غزة والزهراء والمغراقة ،وجميعها تجمعات سكانية تقع على جانبي الوادي سواء على الجهة الشمالية أو الجنوبية منه. وتعد مشكلة المياه العادمة أبرز المشاكل الصحية التي تتسبب بها المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة حيث تضخ هذه المياه في مناطق قريبة من الأحياء الفلسطينية وإلى شاطئ البحر خصوصا من مستوطنة 'نتساريم' وسط القطاع.



الحلول المقترحة لهذه المشكلة :

ناشدت بلدية البريج وسط قطاع غزة المنظمات الإنسانية والدولية للتدخل لوضع حد للمشاكل الصحية التي نتجت عن قيام الجانب الإسرائيلي بتصريف مياه المجاري من المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لحدود قطاع غزة، باتجاه أراضي الأهالي المقابلة للمنطقة الوسطى.
وتشير البلدية إلى أن تصريف مياه المجاري من المستوطنات الإسرائيلية التي تقابل المنطقة الوسطى، أدى إلى حدوث مكاره صحية شديدة الخطورة على البيئة و المواطنين مضيفا أن البلدية قامت بإرسال عينات من هذه المياه إلى مختبرات كيماوية لفحصها و أن هذه المياه ناتجة عن عادم مصانع كيماوية وهذا يعد جريمة بحق البيئة الفلسطينية بأن:


* جميع الأشخاص لهم الحق في بيئة آمنة، صحية وسليمة. هذا الحق وغيره من حقوق الإنسان بما فيها الحقوق المدنية، الاقتصادية، السياسية والحقوق الاجتماعية هي عالمية، تعتمد على بعضها ولا تتجزأ.
* جميع الأشخاص لهم الحق في بيئة ملائمة لاحتياجات الجيل الحالي بحيث لا ينقص ذلك من حقوق الأجيال المستقبلية لإنصاف احتياجاتهم.
* جميع الأشخاص لهم الحق بالتحرر من التلوث، التدهور البيئي والنشاطات التي تؤثر سلبا على البيئة، الحياة المهددة، الصحة، الرزق، الرفاهية أو التنمية المستدامة داخل، عبر أو خارج حدود الأمة.
* جميع الأشخاص لهم الحق بحماية والحفاظ على التربة، الهواء، الماء، البحر، النبات والحيوان، والعمليات الأساسية والمناطق التي تحتاج إلى ضرورة الحفاظ على تنوعها البيولوجي وأنظمتها البيئية.
* جميع الأشخاص لهم الحق في تحقيق الحد الأعلى من معايير الصحة والخالية من التدهور البيئي.
* جميع الأشخاص لهم الحق بغذاء ومياه سليمة وصحية كافية من أجل عيش مناسب.
* جميع الأشخاص لهم الحق بعمل ذا بيئة صحية وآمنة.
* جميع الأشخاص لهم الحق بالحصول على سكن ملائم، ملكية أرض، وظروف معيشية آمنة، صحية وبيئية سليمة.
* كل فرد له الحق بالاستفادة بصورة عادلة من الحفاظ على أو استدامة استخدام الطبيعة والمصادر الطبيعية لأجل الأهداف الثقافية، البيئية، التعليمية، الصحية، الرزق، الترفيهية، الروحية، والغايات الأخرى. وهذا يتضمن الوصول إلى بيئة طبيعية سليمة.
* الناس المحليين لهم الحق بالسيطرة على أراضيهم، المناطق والمصادر الطبيعية للحفاظ على طريقتهم التقليدية في الحياة. وهذا يحتوي على الحق بالأمن للتمتع بممتلكاتهم حسب طرقهم الخاصة. الناس المحليين لهم الحق بالحماية من أي نشاط أو عمل ينفذ والذي قد ينتج عنة تدمير أو تدهور مناطقهم، بما في ذلك، الأرض، الهواء، الماء، البحر، الحياة البرية والمصادر الأخرى.
* يجب على جميع الحكومات أن تحترم وتؤكد الحق في بيئة آمنة، صحية وسليمة. وفي نفس الوقت، أن تطبق المقاييس الإدارية، والتشريعية وغيرها اللازمة من أجل تفعيل تطبيق هذه الحقوق. كما ويجب:

1. المراقبة، الإدارة والمشاركة العادلة في المصادر الطبيعية .
2. وضع المقاييس للتقليل من الإسراف في كميات المخلفات الناتجة عن عمليات الإنتاج وأنماط الاستهلاك .
3. تطبيق المقاييس الهادفة إلى تأكيد التعاون عبر الحدود لتحمل الواجبات المشتركة من أجل حماية البيئة، واستدامة التطور واحترام حقوق الإنسان.

4.
اعتماد مقاييس تهدف إلى التأكد من أن المؤسسات والوكالات الدولية، مهما كان انتماؤها، تراقب الحقوق والواجبات .

يجب أن تمتنع الدول وجميع الأعضاء الآخرين عن استخدام البيئة كأدوات للحرب أو في التصرفات الخطرة، والتأثيرات الضارة على المدى الطويل أو الواسع، وأن تحترم القانون الدولي الذي يوفر الحماية للبيئة في أوقات الحروب والتعاون من أجل دعم التطوير. 



 






و لنا كلمة ،،

إنَّ وادي غزة .. مهما كان من أمر .. يبقى .. أحد المعالم الطبيعية الرئيسية في قطاع غزة .. فمن هنا .. يجدر بالجميع الوقوف معاً وقفة رجل واحد في وجه التحديات التي أصابت هذه المنطقة من أرضنا المباركة و ما كانت لتصيبها لولا تخاذلنا و ضعفنا .. فلنستعد قوانا .. و نصمد .. فنحن ما زلنا بحاجة .. لتلك الوقفة !

0 التعليقات: